
An-Nahar Newspaper December 24, 2003
البرنامــج النــووي الاســرائيلـي
مع أن إسرائيل لم تعترف قط بأنها تمتلك أسلحة نووية، يتفق أكثر الخبراء الدوليين على أن الدولة العبرية تنتمي الى "النادي النووي"، ويرجحون أن قدرتها في هذا المجال تشكل البرنامج النووي لاسلحة الدمار الشامل الاكثر سرية في العالم.
وخلافاً لايران وكوريا الشمالية اللتين برزت طموحاتهما النووية الى الواجهة أخيراً، لم توقع اسرائيل معاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية، ولذا، فانها لا تخضع لاعمال تفتيش ولا لتهديد بعقوبات من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وكان حجم القدرة النووية لاسرائيل محور معلومات استخبارية غير دقيقة منذ الستينات من القرن الماضي مع بدء الحديث عن مفاعل ديمونا في صحراء النقب. ولم يرفع حجاب السرية عن هذه المسألة إلا مرة واحدة منتصف الثمانينات عندما سرب العامل السابق في ديمونا موردخاي فانونو معلومات وصوراً لرؤوس نووية إسرائيلية الى صحيفة بريطانية، وهو ما أدى الى رفع التقديرات لعدد الرؤوس النووية التي تمتلكها اسرائيل الى 100 على الاقل، وربما 200. وللمقارنة، يعتقد على نطاق واسع أن كلا من الهند وباكستان، وهما الدولتان الاخيرتان اللتان انضمتا الى النادي النووي ، تمتلك 20 رأساً نووياً. وقد أجرتا تجارب نووية ناحجة عام 1998، الامر الذي اثار مخاوف من تفاقم النزاع بين الدولتين المتواجهتين في جنوب آسيا. وليست ثمة أدلة على أن إسرائيل أجرت تجربة نووية، لكن هناك تكهنات بأن انفجاراً نووياً مشتبهاً فيه في المحيط الهندي عام 1979 كان اختباراً مشتركاً اسرائيلياً - أفريقياً جنوبياً.ويذكر أن جنوب أفريقيا فككت بعد انتهاء حقبة التمييز العنصري برنامجها للاسلحة النووية. وتعود الطموحات النووية لاسرائيل الى ما بعد قيام دول اسرائيل بوقت قصير عام 1948 وعقب المحرقة النازية "الهولوكوست" التي قضى فيها نحو ستة ملايين يهودي أوروبي. فمذذاك، بدأت اسرائيل تبدي اهتماماً بامتلاك أسلحة نووية كرادع أساسي. وعام 1952، أنشئت اللجنة الاسرائيلية للطاقة الذرية التي بدأت العمل على نحو وثيق مع الجيش الاسرائيلي. وبعد سنة، أنجزت عملية استخراج أورانيوم عثر عليه في صحراء النقب، كما طورت آلية جديدة لانتاج مياه ثقيلة مما وفَّر لاسرائيل قدرتها الخاصة لانتاج بعض المواد النووية الاكثر أهمية. أما بالنسبة الى تصميم المفاعل وبنائه، فقد سعت اسرائيل الى مساعدة من فرنسا وحصلت عليها. واستناداً الى موقع "globalsecurity.org" ومقره واشنطن، اثمر اتفاق سري بين الدولتين بدء عمليات بناء مفاعل ديمونا أواخر الخمسينات. ووُصف البناء مرة بأنه معمل للنسيج وثانية بأنه مركز للأبحاث الزراعية وثالثة بأنه منشأة للابحاث المعدنية، وذلك حتى 1960 عندما قال رئيس الوزراء في حينه ديفيد بن غوريون أنه مركز لابحاث نووية ذات "اغراض سلمية". وابدت الولايات المتحدة قلقها بعد شكوك مبكرة لها في الطموحات النووية الاسرائيلية أعقبت رصد طائرات تجسس أميركية من طراز "يو 2" تشييد مفاعل ديمونا عام 1958 . وخلال الستينات، زار مفتشون أميركيون المفاعل مرات عدة، الا أنهم لم يتمكنوا من تكوين فكرة دقيقة عن النشاطات الجارية فيه. وأورد موقع "globalsecurity.org" أن الاسرائيليين ذهبوا الى حد اقامة غرف تحكم زائفة وإخفاء الممرات والمصاعد المؤدية الى بعض أجزاء المنشأة، باقامة جدران أمامها. وخلص المراقبون الى أنه ليست ثمة ابحاث علمية واضحة ولا برنامج مدني للطاقة النووية تبرر مثل هذا المفاعل الضخم، الا أنهم لم يعثروا على دليل على "نشاطات تتعلق بانتاج أسلحة". وعام 1968، أورد تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "سي آي اي" أن اسرائيل بدأت انتاج أسلحة نووية.ومذذاك، مضت سنوات من التكهنات عن حجم الترسانة النووية الاسرائيلية. وأعربت دول في الشرق الاوسط، وخصوصاً تلك التي تدعم القضية الفلسطينية، عن قلق عميق من البرنامج النووي الاسرائيلي. وأخيراً، أبلغ المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الى صحيفة "هآرتس" أن الوكالة تعمل على أساس ان اسرائيل تمتلك أسلحة نووية على رغم أن حكومتها لم تقر بذلك رسمياً قط.
© Copyright 2003 Copyright © 2003 An-Nahar Newspaper